27 - 09 - 2024

رشقة أفكار | الأعلام المصرية ..هي الحل

رشقة أفكار | الأعلام المصرية  ..هي الحل

قبل أن تقرأوا:

كاتب هذه السطور يتغني بالمقاومة الفلسطينية الجسورة، أيا كانت حجم خسائرها في الارواح .. فالدفاع عن الأرض والأوطان لايقاس إلا بالدم .وهو ايضا لا يصنف المقاومين الآن إن كانوا منتمين للإخوان أم غير منتمين .وهو أيضا يرفض تهجير الغزاويين - والفلسطينيين كلهم - سواء إلى سيناء إو رواندا أو تشاد الخ هذه الخيالات والاوهام الصهيونية . وكاتب هذه السطور ايضا يرفض أن  تدخل مصر الحرب الدائرة الآن ، لأن مصر يجب ان تختار حربها توقيتا وأهدافا وظروفا مادية واقتصادية واجتماعية ونفسية أيضا .ولكن اذا فرض علينا القتال - وانا هنا اتفق مع الكاتب الكبير عبد الله السناوي- فسوف نقاتل .. أيًا ما  كان الأمر.

كانت هذه محددات لازمة لتوضيح موقفي ، قبل أن ادخل إلى صلب الفكرة الرئيسية.الذي حدث في الآونة الاخيرة هو أن مصر تأثرت كثيرًا بالحرب الدائرة في أوكرانيا ، وتأثرت أيضا بالحرب الصهيونية في غزة . تصدر بيانات أحيانا تتحدث عن  حجم الخسائر ، ومن اسف أنها بيانات ينقصها الكثير من المعلومات .ويقابلها في الوقت نفسه بيانات لإعلاميين مصريين لهم منابر يخلطون فيها بين الرسمي والشعبي ، فهم ليسوا متحدثين رسميين وإنما هم اعلاميون يتلقون المعلومات عبر التليفون .. ولايتورعون عن ذكرها في غيبة أي متحدث رسمي، وبالتالى إن صادفت قبولا لدي الرأي العام فهي باسم الحكومة وانما لم تصادف فهي مجرد اجتهادات غير ملزمة، يتحمل هؤلاء الاعلاميين مسؤوليتها ويشربون نتائجها من مصداقيتهم وسمعتهم وهي في أدنى مستويات المصداقية . فالاعلام إن لم ينحز للحقيقة ويضع الشعب نصب أعينه فهو مجرد كلام ..بوق للسلطان .. "يبلونه ويشربوا ميته".

في هذا الإطار .. نعرف كلنا أزمة الدولار التي تعاني منها مصر ، منذ حدوث التعويم الأول ..عندما كان سعر الدولار ٨ إلى ١. اليوم يتجاوز سعر  الدولار في السوق الموازية ٥٠ جنيها ، في حين تعلن الدولة أن سعره الرسمي يبلغ 31 جنيها أو اكثر قليلا . المصيبة السوداء ان الاحتياطي النقدي ينخفض إلى مادون الـ٣٦مليارًا رغم كل الاجراءات والقوانين واللوائح التي لا تساوي ثمن الحبر التي كتبت بها ، لان هناك عملا يتم من خلاله التربح من السوق الموازية للدولار، وبيعه وشراؤه في السوق السوداء، فضلا عن استغلال شديد لهذا الأمر، من جانب القوي السياسية المناوئة للنظام الحالي، والتي تستهدفه من خلال إشعال أزمة الدولار بغير هوادة، وبلا انقطاع .. هناك مليارات من  الدولارات  تدين بها مصر ، يتردد أنها بحدود ١٨٠ مليارا، وأن فوائد خدمة الديون بالمليارات هي الاخري، وفي برنامج الإعلامي مصطفي بكري زف إلينا في تصريح له مؤخرا(وكأنه متحدث رسمي باسم الحكومة!) أن مصر سددت الاقساط المطلوبة منها حتي منتصف العام الحالي.

عودة إلى الحرب، ومايجري على صعيدها، وعلى الجبهات المفتوحة فيها من بيروت إلى باب المندب، أطلت برأسها كارثة جديدة، وهي انخفاض عائدات قناة السويس الدولارية، نتيجة تحول التجارة إلى رأس الرجاء الصالح .. بسبب استهداف الحوثيين للسفن والبواخر الأوربية والأميركية التي تمر في مضيق باب المندب، وكثير منها كانت تأتي إلى قناة السويس!  فبحسب رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع فإن عائد القناة بالدولار انخفض 40% منذ بداية العام مقارنة بعام 2023، بعد أن أدت هجمات الحوثيين في اليمن على السفن المتوجهة لإسرائيل إلى تحويل مسار إبحارها بعيدا عن هذا الممر. كارثة بكل المقاييس.. لا نلوم المقاومة ولا المقاومين ولا الذين يقدمون لهم المساعدة، بما في ذلك إيران وحزب الله في لبنان وعبد الملك الحوثي في اليمن. 

باقصي درجات الاعجاب والتقدير نظرنا إلى خطوة جمهورية جنوب افريقيا التي كانت الدولة الوحيدة في العالم التي جرجرت الكيان الصهيوني إلى محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب عمليات إبادة ضد مواطني غزة. وقفت وحيدة لم ينضم إليها عربي واحد من القاهرة إلى الرباط ومن الرياض إلى دمشق! كان هذا أضعف إيماننا مادمنا لن ندخل الحرب. لكن القرار العربي كله مرهون بأيدي الأميركيين الملوثة بالدماء في كل أرجاء العالم. لم يفعلها  سوى مئة محام شريف من جمهورية شيلي، قاهرة الديكتاتور بينوشيه . مئة محام من شيلي في مواجهة آلاف المحامين العرب الذين كان على اتحادهم وكان ذا سمعة مرموقة وكيانا كبيرا في زمن مضي، أن ينضم إليهم في الدعوى .لكن الخرس والصمت ران على قلوب العرب واتحادات المحامين والكتاب والاطباء والمهندسين الخ .

مع انخفاض عائداتنا الدولارية نصبح أمام أزمة شديدة ، ماكنا نتوقع أن تحدث عن هذا الطريق، طريق قناة السويس، ونحن الذين قدمنا ٦٤مليارا في أسبوعين فقط ، لشق التفريعة الجديدة للقناة .كنا نظن أن" رفع روحنا المعنوية" بقيمة هذه المليارات سوف نحصد ثمنها بعد توسعة القناة ، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السَفِنُ ! الآن نحن أمام تحدي جديد، زاد الطين بلة أن أمريكا قررت أن تنشيء تحالفًا لمواجهة الهجمات الحوثية على السفن الأوربية والاميركية والإسرائيلية. ورفضت مصر بالطبع الانضمام الى هذا الحلف المشؤوم .لكن في المقابل ماذا علينا أن نفعل؟ كيف نفكر خارج الصندوق؟ كيف لا نتلقى ضربات موجعة من حيث لا نتوقع؟

أظن - وبعض الظن ليس إثما -  اننا مطالبون بعمل خارق مع النظام الحاكم في اليمن والذي لم يعد يواجه تهديدات ذات بال من قبل الدول الرافضة للحوثيين في اليمن، وهذا العمل الخارق أظنه يكمن في اتفاق دبلوماسي معهم، بألا يتعرضوا مطلقا لأي سفينة تحمل العلم المصري وهي تمر في المضيق، شريطة ان تكون قادمة من قناة السويس. ولاشك أن تفاوضنا مع الحوثيين ومع الدول المستفيدة من عبور سفنها القناة يمكنها أن تدفع مقابل تقديم مصر هذه الحماية الإسمية والمعنوية للسفن العابرة في القناة والواصلة إلى باب المندب، بسلامة وبسلاسة ويسر. استثناء هذه السفن تحت العلم المصري من الهجمات الحوثية يساعدنا كثيرا في تخفيض خسائرنا الدولارية، ويكسبنا سمعة دولية وعربية أيضا، وأهم من ذلك أنه يمنحنا فرص أن لدينا أفكار خارج الصندوق.. جديرة بالنقاش والتنفيذ !

بعد أن قرأتم ..السؤال الآن هو هل يسمح الاميركان بذلك؟ هل مصر لديها محاذير من اللجوء إلى هذه الخطوة ؟ لانعرف ، فهل من إجابات؟  
--------------------------------
بقلم: محمود الشربيني


مقالات اخرى للكاتب

رشقة أفكار | الرئيس الـ